أكد الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أنه ليس من دعاة تحريم تعدد الزوجات مطلقًا، مستعيذًا بالله من جرأته على ذلك، موضحًا أنه من دعاة ضرورة الفصل الحاسم بين فهم نصوص القرآن الكريم في هذه المسألة، فهمًا صحيحًا مرتبطًا بمقاصد الشريعة وغاياتها، وبين الفهم الملتوي الذي كان من أسباب تعثر المجتمع المسلم وكبواته المتكررة على طريق التنمية والتقدم.
ولفت شيخ الأزهر، خلال حلقة اليوم من برنامجه الرمضاني: الإمام الطيب، إلى أن نصوص القرآن الكريم، بكل تأكيد لم تبح للمسلم أن يتزوج بثانية وثالثة ورابعة إباحة مطلقة، بغير قيد ولا شرط، منوهًا بأنها إنما أباحت له ذلك في حالات الضرورات، المشروطة بالعدل المطلق، في كل تصرف صغير أو كبير يصدر من الزوج تجاه زوجتيه أو أولاده، وهو العدل في الإنفاق والمسكن والملبس والمبيت.
وأفاد الإمام الطيب، بأن الشرع لم يستثن من هذا العدل إلا ما يتعلق بدائرة المشاعر والأحاديث القلبية؛ انطلاقًا من أن هذه المشاعر من طبيعتها أن تعلو على سيطرة الإنسان، وتخرج عن دائرة حرية الاختيار، وأنه ليس للزوج أو الزوجة من أمر المشاعر القلبية شيء، وليس في يد أي منهما أن يتصرف فيها بتغيير أو تعديل.
وأضاف شيخ الأزهر: ومن هنا، لم يتعلق بهذه المشاعر تكليف شرعي بأمر أو بنهي، ولو أن الله تعالى جعل مسألة الحب من قبيل الأمور التي تخضع لتصرف العبد؛ لأوجب على الزوج أن يكون مسؤولًا عن توزيع محبته بين زوجاته، وإلا كان آثمًا ومسؤولًا أمام الله عن الظلم في توزيع هذه المشاعر بين زوجاته يوم القيامة.
وأكمل الإمام الطيب: وإذًا، فإباحة التعدد، هي في أفضل أحوالها رخصة مشروطة، ومن المعلوم عن الرخصة أنها ليست واجبة ولا مندوبة، ولا أمر مباح إباحة مطلقة؛ لأن الرخصة هنا مشروطة بشرط يخرجها من دائرة المباحات المطلقة، التي يجوز للزوج أن يفعلها أو يتركها حسب رغبته.
وذكر شيخ الأزهر، أن هناك فرقًا بعيدًا بعد المشرقين بين مفهوم الإباحة المطلقة، وبين الرخصة المقيدة بشرط يرتبط بها هذا للشيء وجودًا وعدمًا، لافتًا إلى أن عدم الشرط يستلزم عدم المشروط، مردفًا: ونتساءل الآن، هل رخصة تعدد الزوجات في للقرآن الكريم، رخصة عامة مطلقة بغير قيد ولا شرط؟.. بمعنى أن المسلم حر في أن يتزوج بثانية وثالثة ورابعة حسب ما يشتهيه بغير قيد؟.. أو أن هذه الرخصة مقيدة بشرط منصوص عليه نصًا صريحًا؟
واستطرد الإمام الطيب: الإجابة الصريحة على هذا التساؤل هي أننا إذا قرأنا القرآن قراءة أمينة، سنجد أن رخصة التعدد ليست مطلقة، ولا حق مطلق من حقوق الزوج، وإنما هي رخصة مقيدة بقيود صعبة ثقيلة، منها قيد العدل المنصوص عليه في الآية، والتي يحتج بها لإباحة التعدد، وهي قوله تعالى: “وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أو مَا مَلَكت أَيمانُكمْ ذَبِكَ أدْنَى ألا تعّولو”.
Discussion about this post