في أحد أركان أحد البيوت بمنطقة الوراق بالجيزة، كانت الطفلة «مريم»، البالغة من العمر 3 سنوات، تُدوِّى بصراخها من زوجة أبيها: «مش هعمل كده تانى.. حرّمت.. مش هعمل دوشة ولا هلعب»، وبينما لجأت الطفلة إلى أحضان والدها للاحتماء به،وهو مُبلط سيراميك، «مسجّل خطر»، انهال عليها بالضرب بسلك الشاحن تارة وبإحراق جسدها بأعقاب السجائر تارة أخرى حتى خارت قواها، ولفظت أنفاسها الأخيرة، بعد يوم من الضرب المتواصل.
وعقب ذلك حملتها زوجة الأب المستشفى: «اعتقادا منها أن البنت أُغمى عليها»، واتصلت إحدى أقارب الأب بوالدة وجدة الطفلة لأمها: «مريم ماتت»، وأغلقت الأم الهاتف في وجه المتصلة، وقالت لأمها: «دى ست كذابة!»، ليتكرر الاتصال بالمضمون ذاته، لتتوجه الأم والجدة إلى المستشفى، وهناك «كانت الدنيا مقلوبة، والناس كلها بتتكلم عن البنت المقتولة من التعذيب».
وأثناء ذلك كان هناك ممرضة شابة كانت تتحرك بـ«تروللى» يحمل جسد الصغيرة «مريم» إلى ثلاجة حفظ الموتى، استوقفتها «هدى»، والدة الطفلة، وهى تصرخ غير مصدقة: «هى دى بنتى؟!»، وقبل أن تلطم خديها، سألتها الممرضة باستنكار: «كنتى فين لما بنتك متعذبة ومتكتفة من إيديها وملسوعة بالسجاير؟!»، فيما تمضى في طريقها حاملة الطفلة استوقفتها الأم ثانيةً، وترجوها أن تنظر إلى طفلتها لتودعها: «لقيت دماغها مفتوحة، وبوقها بينزف دم، وجسمها كله حروق، وضهرها فيه آثار ضرب بسلك كهربى، وخدودها وارمة».. هكذا وصفت والدة الطفلة حالها.
رددت جدة الطفلة لأمها مُنهارة،: «اللى ماتت دى بنتى مش حفيدتى، كنت باعتبرها آخر العنقود عندى، قلت هتكبر وتبقى سندى»، ثم طلبت من المباحث: «عاوزة جثة البنت تتشرّح، إحنا شاكِّين إنها ماتت متعذبة، وبنِتِّهم أبوها ومراته التانية بقتلها».
وأقر والد «الملاك البرىء»: «أنا اللى ضربت بنتى لحد ماتت!»، وتناقضت روايته مع قول زوجته الثانية: «البنت اتكهربت من التلاجة، وبعدين وقعت من على السلالم.
وروت والدة «مريم» أنها انفصلت بالطلاق عن والد الطفلة قبل ولادتها، ومنذ 7 أشهر أخذها تعيش معه، «ومن كتر حبه لزوجته التانية سمى الطفلة على اسمها، وماكنتش بشوف بنتى خالص، كنت بسمع صوتها بس في التليفون، وساعات بنتكلم فيديو من ورا أبوها لما بتروح عند جدتها لأبوها»، وتشرح سبب بقاء الصغيرة عند والدها: «رُحت أعيش في بيت أهلى، وكان بيدِّينى نفقة لى ولبنتنا، وبعدين قطعها، وأخد ابنته، واتهمنى إنى بصرف الفلوس على أهلى وزواجى عرفيًّا».
ويذكر أن آخر لقاء لـ«مريم» بأمها وجدتها كان «الوداع الأخير»، قبل 10 أيام، بمنزل عمها، ولمدة نصف الساعة تستذكره الأم: «كانت عمّالة تبوس فينا وتحضن فينا، وتطلّع صورنا من التليفونات، وتقول: أنا وتيتة.. أنا وماما.. أنا وخالتو.. بحبكم»، الأم تدمع عيناها، وهى تقول: “لما عرف والدها بلقائنا، حضر لبيت أخوه، وطردنا”.
وتروي والدة مريم القصة والحزن يكسو وجها فتابعت:”طليقى لديه طفلان من زوجته الثانية، كان يعاملهما (كويس)- وزوجته حامل في طفل ثالث، وقد حاول إفلاتها من جريمة تعذيب ابنته الضحية، واعترف بقتلها بالتعذيب لأنها بتعمل (دوشة)»، وتجفف دموعها: «ماكنتش أعرف إن بنتى بتتعذب طول الفترة اللى فاتت، وإنها بتخاف من مرات أبوها، وما قالتليش إنها بتضِّرب منها!».
وقالت جدة الطفلة وهي تضرب بكلتا يديها على صدرها: «خدها ليه بيته مع مراته التانية لما هيرجعها لينا ميتة، قلنا دا أبوها أعطيناها له، لو سابها كنت هربيها وكانت مالية الدنيا عليّا»، ثم أخرجت خاتم فضة كانت ترتديه «مريم»، وقالت: «دا اللى بقى لى منها حبيبتى، بنتى مش حفيدتى، كانت بتقول لىّ: يا ماما.. وتنادى أمها باسمها: يا هدى»، وتطالب: «عايزة حق بنتي من أبوها ومراته اللي عذبوها».
Discussion about this post