في أكتوبر 1994 حاولت مجموعة منتمية للتيار الإسلامي اغتيال الروائى نجيب محفوظ، من ضمنهم شاب اعترف له بأنه لم يقرأ شيئا لمحفوظ، وعقب عند سؤاله ماذا قرأت لـ”نجيب” قائلا: “استغفر الله”، مشددا على أنه لا يحتاج لقراءة أعمال محفوظ العربي الوحيد الحاصل على جائزة نوبل في الآداب 1988 .
الشاب الذي حاول قتل نجيب محفوظ، اعترف بأن الجماعة الإسلامية كلفته “أو شرفته” بذلك، ووفقا لقوله عندما تم إبلاغه بأن نجيب محفوظ سامحه على جريمته قال: “هذا لا يعنيني ولا يغير من الأمر شيئا.. لقد هاجم نجيب محفوظ الإسلام في كتبه، لذا أهدر دمه، وقد شرفتني الجماعة بأن عهدت لى تنفيذ الحكم فيه فأطعت الأمر”، وفقا لما ورد على لسان محمد سلماوى في مجلة “الثقافة الجديدة” التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة، ليبقى التساؤل من وراء فتوى اغتيال نجيب محفوظ؟.
أجاب على هذا التساؤل هشام النجار الباحث المتخصص في شئون حركات التيارات الإسلامية قائلا: “لم تكن الجماعة الإسلامية وحدها وزعماؤها الروحيين ومرجعيتها الفقهية ممثلة في عمر عبد الرحمن وراء الدفع في تكفير الرجل واغتياله، وإن كانت الفتوى الرئيسية قد صدرت من هناك وأيضا من حاولوا اغتياله رحمه الله هم أعضاء بهذه الجماعة إنما كان هناك حالة تشبه ما حدث مع الرئيس الراحل الشهيد أنور السادات عندما تم استخدام منابر المساجد عن طريق الخطباء والدعاة لتكفيره وتشويهه والتحريض ضده والهدف في الحالتين واحد وهو ليس فقط تكليف أحد بالاغتيال إنما تهيئة الرأي العام وجعله راضيا ومتقبلا الحدث ومتعاطفا مع الإرهابيين بوصفهم قاموا بكفاح ونضال إسلامي مقدس ضد أحد اعداء الدين”.
ويرى “النجار”، أن محاولة اغتيال الروائي نجيب محفوظ جعلت نوعا من التعاطف للمتطرفين، قائلا : “لا شك في أن هذا الأسلوب قد حقق نتائج في صالح الجماعات التكفيرية المتطرفة كالجماعة الإسلامية وغيرها من خلال استثمار جرائمها وارتكابها لعمليات عنف واغتيال ضد رموز شهيرة مثل السادات وفرج فودة ونجيب محفوظ ومن خلال الضغط الشعبي بعد عملية التجهيل التي مارستها وتضليل الكثيرين تخرج في صورة المناضلة المنفذة لعمل مقدس وهذا يمكنها من استثمار جرائمها في تجنيد المزيد من العناصر من صفوف هؤلاء الذين تم تضليلهم وتجهيلهم وهذا هو ما حدث بالفعل في كل حوادث الاغتيال التي نفذتها الجماعة ومنها محاولة اغتيال الاديب الكبير نجيب محفوظ رحمه الله”.
أما بشأن العلاقة بين الإسلاميين والادب عموما ونجيب محفوظ خاصة، قال “النجار”: “فغالبيتهم لا يقرأ روايات وقصص ويعتبر ذلك من المحرمات والمنكرات وتقتصر علاقتهم بهذا المجال على أن كل من يمارس العمل الابداعي والفني هم يمارسون نشاطا ضد قيم الإسلام ومفاهيمه، لأن شيوخهم خدعوهم بأن كل ما دون العلوم الشرعية والقرآن والسنة هو لغو باطل، فما بالك بالقصص الماجنة والروايات الداعرة وما ظنك في حالة تصوير صاحب رواية ما أنه يمس الذات الألهية ويعيب في الأنبياء ويهز قداستهم وهي التهم الباطلة التي الصقوها بنجيب محفوظ رحمه الله.. علاوة على أنهم يتعمدون القراءة السطحية الظاهرية للرواية والقصة لقلة النادرة الذين يقرؤون منهم، فلا يراعون متطلبات هذا الفن وطبيعته وادواته من رمز وأساليب بلاغية ترسل إشارات ورسائل غيي ما هو ظاهر في النص.. علاوة على الاشارات الفلسفية العميقة التي لو قرئت بطريقة صحيحة ومتعمقة كما هو المفترض لطريقة قراءة الادب عموما لكان هناك فهم صحيح لرسالة الرواية وهدفها ومغزاها ولأدى ذلك لتلقي الأدب عموما كما يجب أن يكون.
وأضاف : “للأسف لم يفهم هؤلاء أدب نجيب محفوظ الذي يتسم بالعمق الشديد والمعالجة الفلسفية والروحية التي تدعم الإيمان بالله وبأنبيائه الكرام وليس كما فهم من لم يقرؤوا حتى رواياته وإنتاجه الثري الباهر وهم الأغلبية منهم ومن قروا فقط القراءة السطحية الظاهرية وهم الأقلية منهم”.
Discussion about this post