تعصف الانقسامات والخلافات بحكومة الوفاق الليبية المنتهية ولايتها، والتى يرأسها فايز السراج، والتى يرفض الليبيون على اختلاف انتماءاتهم السياسية، استمرارها فى المشهد السياسى، ومن أجل ذلك بدأت انتفاضتهم منذ يوم الأحد الماضى، ضد السراج، وضد حكومته وميليشياته، وضد المرتزقة التى تدفع بهم تركيا إلى الأراضى الليبية، لمساندة السراج فى موةاجهة الجيش الوطنى الليبى.
فالخلافات التى دبت بين فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق، وبين وزير داخليته فتحى باشا آغا، وصلت إلى ذروتها، حين أصدر الأول قرارا، أمس الجمعة، بإيقاف الثانى عن العمل، وإحالته للتحقيق، وهو ما يزيد من حالة الانقسام والخلاف داخل حكومة الوفاق، التى لفظها الشعب الليبى.
وفى حين يحاول السراج التنصل من ضلوعه وميليشياته فى إطلاق النار على المتظاهرين المناهضين له، إذ يصدر قراره ضد وزير الداخلية، ويعلل ذلك بالتجاوزات التى ارتكبت بحق المتظاهرين، يعلن باشا آغا قبله بأيام عن أن مجموعة من المندسين يرتدون زى رجال الأمن، هم من أطلقوا النار على المتظاهرين، يقصد بذلك ميليشيات السراج، دون أن يسمها.
فيما يلى من سطور، تكشف “الفجر” الأسباب الحقيقية وراء قرار السراج الإطاحة بوزير داخليته:
الانتفاضة الليبية
فى البداية، انتفض الليبيون ضد السراج وميليشياته، منذ يوم الأحد الماضي، حين خرج جمع كبير منهم، أغلبهم من جيل الشباب، في تظاهرات بمدينة طرابلس، وعدد من مدن ومناطق الغرب الليبي، التي تسيطر عليها حكومة الوفاق المنتهية ولايتها، مرددين هتافات منددة بالفساد، وأخرى مطالبة برحيل فايز السراج وحكومته، كما أبدى المتظاهرون غضبهم من تدنى مستوى المعيشة، وتدهور الظروف الاقتصادية نتيجة النزاع المسلح، فضلا عن تدهور الظروف المعيشية، وغياب أبسط حقوقهم في المياه والكهرباء التي تنقطع باستمرار، فضلا عن طوابير السيارات التي تقف أمام محطات الوقود في انتظار دورها.
وكان من بين أبرز مطالب المتظاهرين الليبيين المنتفضين ضد السراج وحكومته إخراج ميليشيات المرتزقة المسلحين من البلاد، وعدم تعريض حياة المواطنين الليبيين للخطر على يد هؤلاء المرتزقة التي تدفع بهم تركيا إلى ليبيا، من أجل استمرار الاقتتال والنزاعات المسلحة، التي لا تصب في نهاية الأمر إلا في مصلحة الغازي التركي.
ومع استمرار الاحتجاجات الليبية، تدخلت ميليشيات فايز السراج وقامت بإطلاق النار على المتظاهرين، الذين حاصروا منزل السراج بمنطقة النوفليين، فى مدينة طرابلس، فضلا عن الأعداد الكبيرة التى تجمعت فى ساحة الشهداء، حتى بلغ الأمر إلى قيامهم بإغلاق الساحة، أمس الجمعة، فى محاولة لمنع المتظاهرين من الوصول إليها، بعد دعوات لتنظيم مليونية “جمعة إسقاط السراج”.
وزير الداخلية يتنصل من ميليشيات السراج
ومنذ بدء الاحتجاجات، ومع نزول الميليشيات لمواجهة المحتجين والاعتداء عليهم، خرج وزير الداخلية فتحى باشا آغا، يوم الإثنين الماضى، أى فى ثانى أيام الاحتجاجات الليبية، بتغريدة عبر حسابه الرسمى على موقع “تويتر”، قال فيها: “إيماننا بالديمقراطية ومدنية الدولة، يحتم علينا الخضوع لإرادة الشعب، والاستماع والإنصات لصوت المواطن”، مضيفا: “وزارة الداخلية تحمى الحق فى التظاهر، وترد كل متجاوز على الممتلكات الخاصة والعامة، أو تهديد أمن الدولة، نحترم التظاهر ونرفض الفوضى التى لن تنتج إلا الفوضى”.
بعد ذلك بدقائق، كتب وزير الداخلية فتحى باشا آغا تغريدة ثانية، قال فيها: “التظاهر السلمى والتعبير عن الرأى حق مكفول لكل مواطن، وعلينا الاستماع جيدا لصوت الشارع”، مضيفا: “المندسين ليسو المتظاهرين، بل الذين ظهروا بمظهر رجال الأمن، وهم مجموعة خارجة عن القانون، أطلقت النار”.
وتابع باشا آغا: “سنحيل نتائج التحقيقات لرئاسة الحكومة، والنيابة العامة، من حيث الاختصاص الإدارى والقضائى”.
السراج يوقف باشا آغا عن العمل ويحيله للتحقيق
تغريدات وزير الداخلية، جاءت لتنفى اتهامات التجاوز عن المتظاهرين، وتلمح لأن إطلاق النار جاء من قبل الميليشيات الداعمة لحكومة الوفاق، وهو الأمر الذى استشاط السراج غضبا بسببه، فأصدر القرار رقم 562 لسنة 2020، بشأن إيقاف وزير الداخلية عن العمل، وتكليف آخر بمهامه.
وجاء فى المادة الأولة من القرار، إيقاف وزير الداخلية المفوض فتحى على باشا آغا، احتياطيا عن العمل، ومثوله للتحقيق الإدارى أمام المجلس الرئاسى، خلال أجل أقصاه 72 ساعة من تاريخ صدور القرار.
وتضمنت المادة الثانية، التحقيق مع وزير الداخلية المفوض بشأن التصاريح والأذونات، وتوفير الحماية اللازمة للمتظاهرين، والبيانات الصادرة عنه حيال المظاهرات والأحداث الناجمة عنها، التى شهدتها مدينة طرابلس، وبعض المدن الأخرى، خلال أيام الأسبوع الماضى، والتحقيق فى أية تجاوزات ارتكبت فى حق المتظاهرين.
وفى المادة الثالثة من القرار، تم تكليف وكيل وزارة الداخلية، العميد خالد أحمد التيجانى مازن، بتسيير مهام الوزارة، وله ممارسة جميع الصلاحيات والاختصاصات السيادية والإدارية الموكلة للوزير.
الشعب الليبى يصر على موقفه ضد حكومة الوفاق
قرار السراج كان ردا على تلميحات وزير الداخلية، فى السجال الدائر بينهما، والاتهامات المتبادلة بإطلاق النار على المتظاهرين، فكل منهما يتنصل من مسئوليته، ويحاول إلصاق التهمة للآخر، لكنه وفى خضم الخلافات التى تكشف نوايا حكومة الوفاق المدعومة من تركيا، يتجلى وعى الشعب الليبى، الذى يصر على موقفه الرافض لحكومة الوفاق برمتها، دون أن ينخدع بتصريحات وزير الداخلية، ولا بقرار فايز السراج.
Discussion about this post