ربما يكون الشائع عند البعض انتشار فكرة زواج المحارم، وهو المسمى الذى يطلق فى الإسلام على زواج الأخوة والآباء من بناتهن، ويثار الجدل دائما بين حين وآخر، حول هذا النوع من الزواح وشيوعه فى مصر القديمة، دون وجود أى دليل يستند أولئك الذين يروجون ذلك.
فى البداية لم يرد حتى الآن فى النصوص المصرية القديمة ما يثبت زواج الأخوة الأشقاء ربما جاء هذا الخلط نتيجة إطلاق المصرى القديم على زوجته لفظ “snt”، بمعنى أخت، وهو لفظ أطلق أيضا على الحبيبة فى النصوص المعروفة بأغانى الحب، حيث يتعدى هذا اللفظ فى الحالتين السابقتين مفهومه اللفظى إلى مفهوم معنى يدل على الرابطة القوية بين الزوج وزوجته والحبيب وحبيبته كرابطة الأخوة التى لا يمكن فصلها أو التنصل منها، حسبما قال مجدى شاكر الخبير الأثرى فى تصريحات صحفية سابقة.
الثابت أن تقاليد الـزواج المصرية القديمة قد تجنبت زواج “المحارم” بفطرتها أو تشريعاتها منذ فترة مبكرة من تاريخها البعيد، وكثيرا دل ما بقى من أنسـاب الأزواج والزوجات فى النصوص المصرية القديمة على انتماءاتهم إلى أسر متنوعة وفروع مختلفة بالرغم من الإستمرار فى تلقــيب الزوج والأم والزوجة والأخت.
والثابت أن هذا اللقب حملته الأميرة “سات آمون” ابنة “أمنحوتب الثالث”، والأميرتان “مريت آتون” و “عنخ إس إن با آتون” فى عهد أبيهما “أمنحوتب الرابع (أخناتون)”، والأميرات “نبت عنات” و”مريت آمون” و”نبت تاوي” فى عهد أبيهن الملك “رعمسيس الثاني”.
وذكر عالم الآثار المصرية الدكتور سليم حسن فى موسوعته الشهيرة “مصر القديمة” وهذه الحوادث الشاذة هى زواج «أمنحتب الثالث» من ابنته «ست آمون»، ويقول بعض المؤرخين إنها أخته بنت «تحتمس الرابع» وليست ابنته، والحادثة الثانية هى زوجا أخناتون من ابنته الثالثة «عنخس٩ إن با آتون»، أما الثالثة فإنا نعرف أن «رعمسيس الثاني» قد تزوج باثنتين من بناته على أقل تقدير.
وبحسب تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية bbc” قد أثارت قضية “زواج الملك بابنته” فى عصر الدولة الحديثة تحديدا، وفى عهد ثلاثة من أعظم ملوك الفترة هم “أمنحوتب الثالث”، وابنه “أمنحتب الرابع (أخناتون)” و”رعمسيس الثاني”، جدلا تاريخيا بسبب إطلاق لقب “حمت سنو ورت (زوجة الملك العظيمة)” على بنات بعينهن لهؤلاء الملوك دون بقية الأميرات.
وربما كانت ترجمة اللقب فى حد ذاته سببا رئيسيا فى جعل البعض يعتقد أن الملك تزوج زواجا رسميا وفعليا بابنته. لكن بعض العلماء يرون أنه مجرد لقب شرفى تقاسمته الأميرات مع أمهاتهن الملكات فى حياتهن.
لكن هناك احتمال آخر لما تتحدث عنه بعض الروايات حول زواج الأب بإبنته، حسبما ذكر الخبير الأثرى مجدى شاكر أيضا، فى أن الملكات الأمهات قد سمحت بإعطاء هذا اللقب لبناتهن كنوع من التجهيز للمستقبل، والتوقع بأنهن سيصبحن ملكات فى القريب، ويحتمل أيضا أن الملك كان يعد ذلك الأمر تشـبها بالإله، وهو مجرد لقب شرفى يمنح للأميرة، والواقع أنه ليس هناك من دليل مؤكد على فكرة زواج الأب من ابنته زواجا حقيقيا فى مصر القديمة، إذ يعتبره الكثيرون مجرد لقب شرفى لإضفاء نوعٍ من التكريم أو القداسـة على البنات الملكيات.
Discussion about this post