الكرافتة السوداء الأنيقة التي ارتداها أحمد الشرع، المعروف بـ «أبومحمد الجولاني»، خلال لقائه مع وليد جنبلاط، تحمل دلالات سياسية مهمة.
فمن خلال هذا الظهور، يمكن ملاحظة أن الجولاني، الذي كان سابقًا يُعرف بقائد جهادي في زي عسكري، يرسل رسالة جديدة تؤكد تحوله إلى شخصية سياسية أكثر دبلوماسية.
الساحة السياسية
هذا التحول يعكس مساعي هيئة تحرير الشام لإعادة تشكيل صورتها في الساحة السياسية، ليس فقط في سوريا ولكن على مستوى الإقليم والعالم أيضًا.
الجولاني، الذي كان قد ظهر سابقًا بدون ربطة عنق في مناسبات أخرى بعد سقوط نظام الأسد، كان في تلك اللحظات يسعى لإيصال رسالة مفادها أن الهيئة لا تتطلع إلى صدام مع القوى الغربية، بل تركز على التخلص من نظام الأسد.
ولكن مع ارتدائه للربطة السوداء مؤخرًا، يبدو أن الجولاني يخطو خطوة جديدة نحو تقوية علاقاته الدبلوماسية مع أطراف متعددة في المنطقة، ما يعكس تطورًا في استراتيجيته السياسية.
الإطلالة الجديدة
إن هذه الإطلالة الجديدة تشير إلى محاولة الجولاني إظهار نفسه كشخصية قادرة على التفاعل مع الواقع السياسي المعقد، وتقديم نفسه ليس فقط كزعيم جهادي، بل كزعيم سياسي لديه رؤية جديدة تدعمه في مفاوضاته مع قوى إقليمية ودولية.
تُظهر تطورات شخصية وأسلوب قيادة أبو محمد الجولاني، قائد “هيئة تحرير الشام”، تحولًا ملحوظًا في مواقفه من التشدد إلى الاعتدال، وهو ما يعكس تحولات استراتيجية وسياسية كبيرة.
في البداية، كان الجولاني يظهر بمظهر غامض حيث كان يرتدي اللباس العسكري واللثام، وهو ما كان يتناسب مع دوره كزعيم لجماعة متشددة مرتبطة بتنظيم القاعدة. في عام 2012، كان الجولاني يمثل الجناح القاعدي في سوريا، وكان يحرص على إخفاء هويته، وهو ما كان يعكس توجهات تنظيمه المتشددة في تلك الفترة.
وفي 2013، ظهر لأول مرة في مقابلة تلفزيونية بشكل غير تقليدي حيث لم يظهر وجهه، بل اكتفى بإظهار جزء من كتفه وهو يرتدي وشاحًا أسود.
لكن التحولات الكبرى بدأت في 2016، عندما أعلن الجولاني فك ارتباط “جبهة النصرة” بتنظيم القاعدة وتحويل اسمها إلى “جبهة فتح الشام”.
في هذا الإعلان، تخلّى الجولاني عن مظهره الغامض وظهر لأول مرة أمام الكاميرا بلباس عسكري مع عمامة بيضاء، وهو ما كان يشير إلى تباين واضح في المواقف السياسية للجماعة.
اقرأ أيضا:- أحمد الشرع الجولاني يعد تأمين الأسلحة الكيماوية.. والبتاجون يرد
اقرأ أيضا:-الجولاني: البعض استغل مسائل فقهية وتاريخية مثل القضية الفلسطينية لغرض احتلال
قائد سياسي
ومع مرور الوقت، وخاصة بعد الهيمنة على إدلب في 2017، بدأ الجولاني يظهر في أنشطة عامة وهو يرتدي لباسًا مدنيًا، وركز على الظهور كـ”قائد سياسي” يسعى لإدارة المناطق التي تسيطر عليها الهيئة.
هذه التحولات شملت خطابًا أكثر اعتدالًا، حيث أكد الجولاني في مقابلة عام 2021 على أهمية التعايش بين مختلف المكونات السورية، بما في ذلك الأقليات والطوائف، وهو ما يعكس تحولًا نحو القبول بهوية سورية موحدة بعيدة عن الانقسامات الطائفية.
وبعد دخول دمشق، بدأ الجولاني يظهر في مناسبات دولية، مثل استقباله للزعيم اللبناني وليد جنبلاط مرتديًا بدلة وربطة عنق، مما يعد تحولًا جذريًا في مظهره ورسائله السياسية.
الباحثون، مثل آرون لوند، يرون أن الجولاني قد غير بشكل ملحوظ مواقفه، لكنه لا يزال يحتفظ بنكهة من التشدد، رغم محاولاته لتغيير صورته أمام المجتمع الدولي.
وفقًا لجوشوا لانديس، فإن الجولاني أظهر مرونة كبيرة في السياسة والظهور الإعلامي، حيث أصبح أكثر ذكاءً في تطوير تحالفاته، واهتم أكثر بالرسائل المتوددة للأقليات، مما يعكس قدرته على التكيف مع المتغيرات السياسية.
إجمالًا، يمكن القول إن الجولاني قد مر بتحولات هائلة في مواقفه السياسية والتكتيكية، ما يعكس تغيرًا في أساليب القيادة، رغم أنه لا يزال يتحفظ على بعض مبادئ التشدد في جماعته.
الملابس العسكرية التقليدية
وكشف العديد من الخبراء أن التخلى عن الملابس العسكرية التقليدية التى ارتبطت بالجماعات المتطرفة سيُساعد على كسر الحواجز النفسية والاجتماعية، فالمظهر الأنيق يدفع شعورًا بالألفة ويُسهل عملية الحوار.
Discussion about this post