في مساء هادئ من نوفمبر عام 2017، أُسدلت الستارة على حياة الفنانة شادية، إحدى أيقونات الفن المصري، تاركة خلفها إرثًا غنيًا من الأعمال التي سكنت القلوب وظلت نابضة بالحياة رغم مرور السنوات. رحلت شادية عن عمر يناهز 86 عامًا، بعد مسيرة فنية حافلة استمرت أكثر من 3 عقود، استطاعت خلالها أن تجمع بين التمثيل والغناء في صورة قلما تتكرر.
بداية شادية من فتاة بسيطة إلى نجمة الشاشة
وُلدت شادية، واسمها الحقيقي فاطمة أحمد كمال شاكر، في حي الحلمية بالقاهرة يوم 8 فبراير 1931.
ومنذ طفولتها، كانت تمتلك صوتًا عذبًا لفت الأنظار إليها. وفي إحدى المناسبات العائلية، التقط والدها موهبتها الفريدة وقرر دعمها، ليبدأ الحلم في التحقق.
جاءت الفرصة الذهبية لشادية عندما رشحها المخرج أحمد بدرخان لأول دور سينمائي لها؛ لتظهر على الشاشة لأول مرة في فيلم “أزهار وأشواك” عام 1947.
ورغم أن دورها كان صغيرًا، إلا أن موهبتها وإشراقة وجهها كانتا كافيتين لجعل الجمهور يطلب المزيد.
صعود شادية إلى القمة ثنائية الغناء والتمثيل
سرعان ما أصبحت شادية نجمة في سماء السينما المصرية، حيث تميزت بخفة الظل وجاذبيتها التي جعلتها “الدلوعة” المحببة للجمهور. قدّمت سلسلة من الأفلام الرومانسية والكوميدية التي جسّدت فيها الفتاة المصرية ببساطتها وبراءتها.
ومن أبرز أعمالها: “الزوجة 13” “مراتي مدير عام” “كرامة زوجتي”.
لم يكن نجاحها في التمثيل فقط؛ بل كان صوتها أحد العوامل الرئيسية لشهرتها. شادية كانت قادرة على نقل أعمق المشاعر من خلال أغانيها، سواء كانت رومانسية، وطنية، أو دينية. أغنيتها “يا حبيبتي يا مصر” أصبحت رمزًا للوطنية المصرية، وأغانيها مثل “سوق على مهلك” و”إن راح منك يا عين” لا تزال خالدة في ذاكرة الأجيال.
شادية من الفتاة الشقية إلى الأم
وفي منتصف السبعينيات، بدأت شادية تخوض تحديات جديدة في أدوارها، حيث تخلت عن أدوار الدلوعة واتجهت لتقديم أعمال أكثر نضجًا. فيلم “الشك يا حبيبي”، وفيلم “شيء من الخوف” أثبتا أن شادية ليست فقط وجهًا جميلًا أو صوتًا عذبًا، بل ممثلة قديرة قادرة على تقديم أدوار مركبة ومليئة بالتحديات.
اعتزال شادية
وفي خطوة فاجأت الجميع، قررت شادية اعتزال الفن في منتصف الثمانينيات. لم يكن قرارها بسبب تراجع الشهرة، بل كان اختيارًا واعيًا بعد مسيرة طويلة شعرت خلالها بأنها قدمت كل ما لديها. اتجهت شادية نحو حياة أكثر هدوءًا، مكرّسة وقتها للعبادة والتأمل، بعيدًا عن أضواء الشهرة وصخبها.
وفي ذكرى رحيلها، لا يزال اسم شادية حيًا في قلوب محبيها. بأكثر من 112 فيلمًا و500 أغنية، تركت بصمة لا تُمحى في الفن المصري والعربي. رحلت “صوت مصر”، لكنها ستظل دائمًا أيقونة للجمال، الفن، والوطنية، ومثالًا على الإخلاص والاحترافية.
Discussion about this post