على الرغم من تأثيرات جائحة كورونا وما أعقبها من تداعيات للأزمة الروسية الأوكرانية على سوق العمل عالمياً، إلا أن الدولة المصرية تعاملت بمنهجية مع انعكاسات تلك الأزمات على معدلات التشغيل لديها، حيث عكفت على وضع الرؤى والاستراتيجيات التي تمكنها من تسريع وتيرة التعافي ودعم القطاعات المختلفة والفئات الأكثر تضرراً، وذلك في وقت لعبت فيه المشروعات القومية خاصة كثيفة العمالة منها دوراً هاماً في الحفاظ على سريان عجلة الاقتصاد والإنتاج وتحسن سوق العمل، فضلاً عن حرص الدولة على تحقيق التمكين الاقتصادي للشباب والمرأة من خلال المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وهو ساهم في رفع معدلات التشغيل وتراجع معدل البطالة، وتمكين الاقتصاد المصري من الصمود وتحمل أعباء مرحلة عدم اليقين التي تمر بها مختلف الاقتصادات حول العالم.
وفي هذا الصدد نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تقريراً تضمن إنفوجرافات تحت عنوان “المشروعات القومية الكبرى تجبر معدل البطالة على التراجع ليسجل أقل مستوى له منذ أكثر من ٣٠ عاماً ” وذلك تنفيذاً لخطط التنمية، والتشغيل، ورفع كفاءة سوق العمل.
ورصد التقرير مؤشرات زيادة فرص العمل خلال الربع الثاني من عام 2022، مشيراً إلى أن من أهم المؤشرات تراجع معدل البطالة خلال هذا الربع مسجلاً 7.2% مقابل 7.3 % في الربع الثاني من عام 2021.
وبشأن أهم مؤشرات سوق العمل، فقد بلغت قوة العمل 29.99 مليون فرد في الربع الثاني عام 2022، مقارنة بـ 29.12 مليون فرد في الربع الثاني عام 2021، بزيادة 3%، بينما بلغ عدد المشتغلين 27.83 مليون فرد في الربع الثاني عام 2022، مقابل 27 مليون فرد في الربع الثاني عام 2021 بنسبة زيادة 3.1%، بينما زاد عدد المتعطلين بنسبة 1.4% حيث سجل 2.15مليون فرد في الربع الثاني عام 2022 مقارنة بـ 2.12 مليون فرد في الربع الثاني عام 2021.
وسلط التقرير الضوء على أهم الأنشطة الاقتصادية المساهمة التي تحول إليها أكبر عدد من المشتغلين خلال الربع الثاني من 2022 مقارنة بالربع الأول من نفس العام، حيث تحول 259 ألف مشتغل إلى نشاط الزراعة، إلى جانب تحول 148 ألف مشتغل إلى نشاط النقل والتخزين، كما تحول 70 ألف مشتغل إلى نشاط الصناعات التحويلية.
وأظهر التقرير التوزيع النسبي للمشتغلين طبقاً لأهم الأنشطة الاقتصادية خلال الربع الثاني 2022، حيث شملت الزراعة وصيد الأسماك 19.7 % بواقع 5.49 مليون مشتغل، وتجارة الجملة والتجزئة 15.1% بواقع 4.19 مليون مشتغل، والتشييد والبناء 13.2% بواقع 3.67 مليون مشتغل، والصناعات التحويلية 12.6% بواقع 3.5 مليون مشتغل، والنقل والتخزين 9.3% بواقع 2.58 مليون مشتغل، فضلاً عن أنشطة أخرى بنسبة 30.1% بواقع 8.4 مليون مشتغل.
وكشف التقرير عن أبرز المشروعات الكبرى التي ساهمت في رفع معدلات التشغيل، وهي مشروع الدلتا الجديدة حيث تصل إجمالي المساحة المنزرعة 669 ألف فدان، بينما يبلغ إجمالي مساحة المشروع 2.8 مليون فدان، ويوفر نحو 5 ملايين فرصة عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة بحلول 2025.
وتتضمن المشروعات أيضاً مشروع توشكى بإجمالي مساحة 1.1 مليون فدان، ويصل إجمالي المساحة المنزرعة 180 ألف فدان، إلى جانب مشروع تنمية شبة جزيرة سيناء بإجمالي مساحة 1.1 مليون فدان، فيما تصل المساحة المنزرعة 285 ألف فدان.
وبشأن أهم مشروعات الاستزراع السمكي، أوضح التقرير أن مشروع غليون المتكامل يعد من أكبر مشروعات الاستزراع السمكي في الشرق الأوسط، حيث تم تنفيذ 5907 أحواض استزراع ضمن مشروع الفيروز للاستزراع السمكي، بالإضافة إلى تنفيذ أكثر من 4000 حوض ضمن مشروع الاستزراع السمكي بهيئة قناة السويس.
واستكمالاً لما سبق، تشمل المشروعات كذلك المشروع القومي للبتلو حيث يستفيد منه أكثر من 41ألف مستفيد بعدد أكثر من 464 ألف رأس ماشية، بقيمة تمويل أكثر من 7 مليارات جنيه كمنح لصغار المربين والمزارعين، إلى جانب مشروعات تطوير الثروة الداجنة، حيث يصل حجم الاستثمار الداجني نحو 100 مليار جنيه، في حين توفر صناعة الدواجن 3 ملايين فرصة عمل.
يأتي هذا فيما يتم ويجري تنفيذ أكثر من مليون وحدة سكنية من خلال مشروعات الإسكان الاجتماعي والمتوسط والمتميز، والتي وفرت ومازالت توفر الآلاف من فرص العمل، هذا إلى جانب بلوغ حجم الاستثمارات بمشروع مدينة الجلود بالروبيكي نحو 7.2 مليار جنيه حتى الآن، ويوفر نحو 35 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، فضلاً عن أنه تم الانتهاء من المرحلة الأولى للمشروع بإجمالي 213 وحدة إنتاجية.
وتطرق التقرير إلى جهود جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة، حيث تم ضخ 41.9 مليار جنيه قروض ميسرة لدعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وقد وفرت 2.7 مليون فرصة عمل خلال الفترة من يوليو 2014 حتى أغسطس 2022، بينما وفرت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس نحو 100 ألف فرصة عمل مباشرة، كما يبلغ إجمالي تكلفة البنية التحتية والاستثمارية نحو 18 مليار دولار بالمنطقة.
وتناول التقرير الحديث عن المشروع القومي لتطوير الريف المصري “حياة كريمة”، حيث تم توفير أكثر من 450 ألف فرصة عمل دائمة، بإجمالي استثمارات بلغت نحو 4.4 مليار جنيه.
واستعرض التقرير تطور معدل البطالة السنوي في مصر منذ 1990 حتى 2021حيث بلغ 7.4% عام 2021، و7.9 % في كل من عامي 2019 و2020، و9.9% عام 2018، و11.8% عام 2017، و12.5% عام 2016، و12.8% عام 2015، و13% عام 2014، و13.2% عام 2013، و12.7% عام 2012.
هذا وقد بلغ معدل البطالة 12% عام 2011، و9% عام 2010، و9.4% عام 2009، و8.7%عام 2008، و8.9% عام 2007، و10.6% عام 2006، و11.2% عام 2005، و10.3% عام 2004، و11% عام 2003، و10.2% عام 2002، و9.2% عام 2001، و9% عام 2000، و8.1% عام 1999، و8.2% عام 1998.
كما أوضح التقرير أن معدل البطالة بلغ 8.4% عام 1997، و10.4% عام 1996، و11.3% عام 1995، و11.1% عام 1994، و10.9% عام 1993، و9% عام 1992، و8.8% عام 1991، و8% عام 1990.
ورصد التقرير رؤية المؤسسات الدولية، حيث تتوقع فيتش استمرار انخفاض معدل البطالة خلال السنوات المقبلة، مسجلة 7.3% عام 2023، و7.2% عام 2024، و7% عام 2025، و6.8% عام 2026.
وبدوره أكد صندوق النقد الدولي أن إصلاحات الاقتصاد الحاسمة نجحت في تحقيق استقرار الاقتصاد، وتحسن بعض المؤشرات الاقتصادية، مع انخفاض البطالة إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عقد، كما توقع أن يصل معدل البطالة في مصر خلال عام 2023 إلى 6.9%، مع استمرار انخفاض معدلات البطالة خلال السنوات الخمس المقبلة لتصل إلى 6.4% عام 2027.
أما تقرير التنمية البشرية في مصر، فقد ذكر أن السياسات المصرية الهادفة للتمكين الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للمرأة، انعكست إيجابياً على معدلات البطالة بين صفوف المرأة، بينما يعتقد أيرك أوشلان “مدير مكتب منظمة العمل الدولية في مصر” أن السياسات الناجحة التي تم اتباعها والإصلاحات الاقتصادية الجادة أدت إلى خلق فرص عمل وإتاحتها للشباب المصري.
ومن جانبها أشارت منظمة العمل الدولية إلى أنه يتنامى لدى مصر إدراك بأهمية المشروعات المتوسطة والصغيرة في توفير الوظائف والنمو الاقتصادي، ولذا فقد تم تأسيس جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بهدف رسم برنامج قومي لتنمية المشروعات وتشجيع المواطنين على دخول سوق العمل.
وفيما يتعلق بمعدل البطالة لأبرز دول العالم وفقاً لأحدث بيان متاح شهري أو ربع سنوي عام 2022، فقد بلغ في جنوب إفريقيا 33.9%، وتونس 15.3%، والمغرب 11.2%، وتركيا 10.1%، والبرازيل 9.3%، وبيرو 7.3%، وتشيلي 7.9%، والصين 5.3%، وكندا 5.4%، وأستراليا 3.5%، والمملكة المتحدة 3.6%، والولايات المتحدة 3.7%، والمكسيك 3.2%.
وأضاف التقرير أن معدل البطالة سجل في اليابان 2.6%، وفي كوريا الجنوبية 2.1%، وتايوان 3.8%، وروسيا 3.9%، وألمانيا 5.6%، والسعودية 6%، وفرنسا 7.4%، والهند 7.6%، وإيطاليا 7.9%، وكولومبيا 11.3%، وإسبانيا 12.5%، والأردن 22.6%.
Discussion about this post