في الوقت الذي لا يزال فيه العالم يصارع فيروس كورونا المستجد، متخوفا من موجة ثانية مقبلة للوباء الذي حصد أرواح أكثر من نصف مليون انسان، صدم بأنباء أخرى قادمة من الصين تفيد بظهور مرض آخر.
فبعدما أعلن علماء صينيون ظهور فيروس جديد اسمه G4 EA H1N1 واصفين المرض بأنه سلالة جديدة من الإنفلونزا المنتقلة من الخنازير للإنسان، ومؤكدين أن البشر لا يملكون مناعة ضدها بعد، دقت منظمة الصحة العالمية هي الأخرى الناقوس، وأعلنت أنها “ستقرأ بعناية” التقارير الواردة من الدراسة القادمة من بلد المليار.
في التفاصيل، أفاد متحدث باسم المنظمة بأن ظهور الفيروس المكتشف في الخنازير بمسالخ في الصين، أظهر أن على العالم أن يظل متيقظا لأمراض جديدة حتى في الوقت الذي يواصل فيه معالجة انتشار وباء كوفيد- 19، بحسب ما أفادت صحيفة الإندبندنت البريطانية، الثلاثاء.
فيما سلطت دراسة نشرت في الدورية الأميركية للأكاديمية الوطنية للعلوم، الاثنين، الضوء أيضاً على سلالة من إنفلونزا الخنازير من فصيلة G4 الجينية والتي تتوفر فيها جميع السمات الأساسية لفيروس وبائي محتمل، بحسب المعنيين.
وبينما يقول باحثون إنه لا يوجد تهديد وشيك، حذر علماء الأحياء الصينيون، الذين أجروا البحث، من أنه “يجب تطبيق مراقبة دقيقة فورية للبشر، وخاصة العاملين في صناعة لحوم الخنازير”.
بدوره، قال كريستيان ليندميير، مسؤول من منظمة الصحة العالمية في مؤتمر صحافي في جنيف ، “سنقرأ الورقة بعناية لفهم ما هو جديد”، مضيفاً أن “من المهم التعاون على صعيد النتائج ومواصلة مراقبة أعداد الحيوانات”.
وأوضح أن الفيروس “يسلط الضوء على أن العالم لا يستطيع أن ينسى الحذر من الإنفلونزا، كما يحتاج إلى أن يكون يقظاً وأن يواصل المراقبة حتى في ظل مواجهة جائحة كورونا”، بحسب تعبيره.
يشار إلى أن الدراسة قد نقلت قول بروفيسور صيني، اسمه كين تشو شانغ: “نحن مشغولون حالياً بفيروس كورونا المستجد، ومعنا الحق بذلك. لكن لا يجب أن نغفل عن الفيروسات الجديدة التي يمكنها أن تكون خطيرة” في إشارة إلى فيروسات G4 الخنزيرية “الحاملة جميع السمات الأساسية لفيروس مرشح لأن يصبح جائحة”، فهو قد يصيب عمالاً في مسالخ بالصين، أو موظفين آخرين يتعاملون مع الخنازير.
والفيروس الجديد هو مزيج واحد من 3 سلالات: أحدها مماثل للموجودة بالطيور الأوروبية والآسيوية، أي H1N1 التي تسببت سلالته في 2009 بوباء، والثانيH1N1 كان بأميركا الشمالية، والمحتوية سلالته على جينات من فيروسات إنفلونزا الطيور والبشر وإنفلونزا الخنازير “لذلك فالمتغيّر G4 الجديد، مثير للقلق بشكل خاص، لأن نواته هي فيروس لا يملك البشر مناعة ضده بعد، أي إنفلونزا الطيور مع سلالات الثدييات المختلطة”، بحسب الدراسة التي أوضح معدوها أن اللقاحات المتوافرة حالياً لا تحمي من السلالة الجديدة، لكن هناك إمكانية لتعديلها وجعلها فعالة، فيما يلقي الفيديو المعروض مزيداً من الضوء على “جي 4” الجديد.
وهناك مشارك آخر مع الفريق المعد للدراسة، هو الأسترالي Edward Holmses عالم الأحياء بجامعة سيدني، والمتخصص بدراسة مسببات الأمراض، وفيها يقول: “يبدو أن الفيروس الجديد بطريقه للظهور في البشر، وهذا الوضع يحتاج إلى مراقبة دقيقة”.
وتماشى معه عالم آخر، هو الصيني Sun Honglei المتخصص في التأليف العلمي، بتأكيده على أهمية “تعزيز المراقبة” للخنازير الصينية للكشف عن الفيروس “لأن إدراج جينات G4 من وباء H1N1 يمكنه تعزيز التكيف مع الفيروسات، مما يؤدي إلى انتقال العدوى من إنسان لآخر” كما قال.
فريق علمي آخر، بقيادة العالم Liu Jinhua الناشط مع “الجامعة الزراعية الصينية” قام بتحليل 30 ألف “خزعة” تم سلخها من أنوف خنازير في مسالخ 10 مقاطعات صينية، إضافة إلى 1000 أخرى من خنازير عليها أعراض تنفسية، واتضح من هذه العينات التي تم جمعها بين 2011 و2018 أن فيها 179 فيروساً من إنفلونزا الخنازير، معظمها من سلالة G4 أو أحد سلالات G الخمسة الأخرى من سلالة الطيور “الأوراسية” أي أوروبا وآسيا، واتضح أن G4 أظهر من 2016 زيادة حادة، وهو النمط الجيني السائد في تداول الخنازير المكتشفة في 10 مقاطعات صينية على الأقل.
مع ذلك ، أكدت Martha Nelson عالمة الأحياء في “مركز فوغارتي العالمي” بالولايات المتحدة، أن احتمال انتشار الفيروس الجديد كوباء “منخفضة، لكننا يجب أن نكون يقظين، لأن الإنفلونزا يمكن أن تفاجئنا” على حد ما نصحت به، آخذة بعين الاعتبار أن في الصين أكثر من 500 مليون خنزير، وبإمكان المولود الفيروسي الجديد أن ينتقل من إنسان لآخر، وهو ما يحتاج أيضاً إلى مزيد من التأكد.
إلى ذلك، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان في مؤتمر صحافي الثلاثاء، إلى أن الحكومة “تتابع عن كثب التطورات المتعلقة بهذا الأمر”. وأضاف “سنتخذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع انتشار أي فيروس”.
يذكر أن إنفلونزا الخنازير كانت قد خلّفت أكثر من 700 مليون إصابة حول العالم في 2009، إضافة إلى ما يقرب من 17 ألف حالة وفاة مؤكدة أبلغت عنها منظمة الصحة العالمية، فيما تتوارد معلومات عن أنها الجائحة كانت قتلت أكثر بكثير من الرقم المذكور.
Discussion about this post