منذ نصف قرنٍ ، بدأ الرئيسُ المؤمن أنور السادات المشروعَ الساداتي/السعودي/الأمريكي/الإخواني لتحويلِ المجتمع المصري لما وصل له اليوم ، أيٍّ لمجتمعٍ ينقسم مسلموه لأربع مجموعات : مجموعة أولى تضم المسلمين غير المتدينين.
ومجموعة ثانية تضم المسلمين المتدينين دون أن تكون هناك أيّ قواسم مشتركة بينهم وفكر الإخوان.
ومجموعة ثالثة تضم المسلمين المتدينين والذين وإن كانوا ليسوا إخواناً إلاّ أنهم توجد عدة قواسم مشتركة بينهم وبين فكر الإخوان.
ومجموعة رابعة تضم الإخوان والسلفيين وآخرين ينتمون لجماعات أخرى تفرعت من الإخوان أو من السلفيين.
وأغلب الظن أنه لا توجد أية جهة فى مِصْرَ أو خارجها تستطيع (على أُسسٍ علميةٍ) تحديد حجم كل مجموعةٍ من هذه المجموعات الأربع.
ولكن يمكن للمتابعِ المعني بالشأنِ المصري أن يعتقد أن المجموعةَ الرابعة لا يمكن أن تضم أكثر من ٢٠٪. وهذه الصورة رغم رماديتها ، إلاَّ أنها لا تدعو لليأس.
فنحن أمام ٨٠٪ من مسلمي مصر أي قرابة ٦٥ مليون مصرياً يمكن (نظرياً) جذبهم أو جذب معظمهم لمفاهيم الدولة المدنية بجهود تعليمية وثقافية وإعلامية وعن طريق خطاب ديني منقح ومتصالح مع العقل والعلم.
وأظنُ أن جذب ٨٠٪ من هؤلاء (أي ٥٢ مليون مصرياً) هو هدف قابل للتحقيق إذا توفرت “الرؤية” ووضعت “السياسات” الكفيلة بتحقيق الرؤية.
و ٥٢ مليون مصرياً يُضاف لهم ما يقرب من عشرين مليون مسيحياً ، سيشكلون أغلبيةً ستكون ظهيراً قوياً للدولةِ المدنيةِ ومفاهيمِها ، وفى ذات الوقت سيشكلون درعاً لحمايةِ مصرَ من إحتمالِ وصولِ الإخوانِ لحكمِ مصرَ فى أية مرحلةٍ أو مراحلٍ مستقبليةٍ.
ولكن ! تكوين هذا “الظهير الشعبي للدولة المدنية” يلزمه تضافر جهود كبيرة وتعاون عارم من وبين القيادة السياسية وقيادات مؤسسات التعليم والإعلام والثقافة و منابر الخطاب الديني.
والشك (كل الشك) هو فى مشاركة منابر الخطاب الديني التابعة للأزهر وللأوقاف بقياداتها الحالية فى هذا الجهد. فمعظم هذه القيادات إما إخوانية أو تشترك مع الإخوان فى رفض ومناهضة الدولة المدنية ومفاهيمها.
ورغم الصعوبة النسبية لتغيير القيادات الرجعية الحالية فى المؤسسات الأزهرية والأوقاف ، فإنها “مهمة حتمية” لأن البديل هو أن تصل مصرُ لحال مستعصية نكون فيها أمام شعبين مصريين ، بكل ما تعنيه كلمةُ “شعبين” : شعبٌ إختار أن يعيش فى القرن الحادى والعشرين ، وشعبٌ إختار أو سيق لأن يعيش فيما قبل العصور الوسطى.
والوصول لإنقسام المصريين لشعبين هو واقع يناسب الإخوان (وباقي جماعات الإسلام السياسي) لأبعدِ حدٍ. كما أنه يناسب الأخطبوط ثلاثي الأرجل (تركيا وقطر والتنظيم الدولي للإخوان) الذى هو اليوم العدو الإستراتيجي الأول لمصرَ التى إنبثقت من ثورة ٣٠ يونيه ٢٠١٣. وجدير بالذكر ، أن مسرح السياسات الدولية هو الأنسب لطرح وتنفيذ الرؤية المذكورة.
فبمحاذاة إنشغال كل اللاعبين الكبار الأساس بواقعٍ إستثنائي ، فإن الإدارة الأمريكية الحالية تختلف كلية عن إدارة أوباما/هيلاري كلينتون التى كان إيصال الإخوان لحكم مصر (وغيرها) من أهم أولوياتها.
ورغم أن الدولة العميقة فى الولايات المتحدة رفضت أن يُعلن الرئيس ترمپ أن الإخوان هم جماعة إرهابية ، فإن ترمپ يتصرف على أساس أن الإخوان جماعة إرهابية.
Discussion about this post