في تمام الساعة الثالثة من عصر الاثنين 12 أكتوبر/تشرين الأول 1992، فوجئ المصريون بأعنف زلزال في القرن العشرين يضرب أرجاء منازلهم، وبين خوف على من هم في الداخل، وقلق على من كانوا في طريقهم للمنزل، لا سيما الصغار الذين حان موعد عودتهم، تحول اليوم العادي إلى “اثنين أسود”.
وفعلياً لم يستطع غالبية المصريين، نسيان الزلزال الذي جاء بقوة 5.8 ريختر، ومركزه جنوب غرب القاهرة، على الرغم من أنه لم يدم طويلًا واستغرق دقيقتين، لكنها كانت أقرب لساعات بسبب التأثير الذي خلفته، حيث أسفر الزلزال عن أكثر من 500 قتيل وإصابة أكثر من 3500 شخص، وتشريد ما يقرب من 50 ألف مواطن.
وخلال هذا اليوم، كانت الشوارع مليئة بالمباني المتهدمة، التي صاحبها المساجد والمدارس، فضلًا عن الآثار التي وصلت لكتلة صخرية من الهرم الأكبر، سقطت في موقف مهيب، بينما حملت كل أسرة ذكريات خاصة عن ذلك اليوم، التي لم تخلُ من رواية عن عمارة الموت ذات الطوابق الـ14، والتي لم ينجُ منها سوى 5 أشخاص.
ومن بين المصادفات التي رصدتها وسائل الإعلام المصري نجاة عائلة البواب محمود عبدربه، الذي اضطرت أسرته المكونة من 8 أشخاص للمغادرة قبل الزلزال بيومين، بعدما تم طردهم إثر سجن رب أسرتهم لاتهامه بسرقة مجوهرات وأموال أحد السكان، ليكتب لهم القدر عمراً جديداً، وسط ذهول وحزن ذوي الأسر الذي لقوا حتفهم.
وفي مقابل الحزن، كانت هناك معجزة العمارة التي كتبت عنها وسائل الإعلام وهي خروج مواطن مصري يدعى أكثم سليمان من تحت الأنقاض بعد 82 ساعة، ليقول في فيديو مسجل عقب إنقاذه: شعرت بالرعب كأني في قبر، ظلام دامس وأتربة ولا صوت إلا أنين المصابين وصمت الموتى.
مواقف أخرى كتبت عنها الصحف في ذاك الوقت، ومنها طبيب يدعى حسين أبوالمكارم، الذي أكمل عملية الولادة وحده داخل غرفة عمليات كان قد بدأها قبل حدوث الزلزال بدقائق، ولم يغادر كزملائه وأنهى العملية ليخرج مولود جديد للحياة في يوم كانت الخسائر فيه تقدر بمليار جنيه.
وربما من أطرف المشاهد وأشدها وقعاً رؤية فنانين بأزياء منزلية في الشوارع، بينهم فردوس عبدالحميد والفنان أحمد مظهر وغيرهما، والذي سارعت وسائل الإعلام آنذاك لنشر صور لهم، فيما اشتهر أحد الأشخاص بعد الزلزال يدعى “جلال علام” بعدها، الذي قال إنه شعر قبل الزلزال بوخزات وألم تحت جلد رأسه.
Discussion about this post