ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة، اليوم، خلال لقاء حضره عدد من رؤساء تحرير الصحف، والكُتاب، والإعلاميين، بزمام كفر سعد بمحافظة القليوبية، حول مواجهة التعديات على الأراضي الزراعية ومخالفات البناء، وكذا تطبيق قانون التصالح، وذلك بحضور الفريق أول محمد زكي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، واللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، واللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، والدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وأسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام، واللواء عبد الحميد الهجان، محافظ القليوبية.
واستهل رئيس مجلس الوزراء كلمته بالإشارة إلى أن حضورنا اليوم على أرض محافظة القليوبية، يأتي في ضوء استكمال مناقشة واحدة من أهم وأعقد القضايا والتحديات التي تواجه الدولة حاليًا، تتمثل في التعديات على الأراضي الزراعية، مؤكدًا أنه عندما تتصدى الدولة لكافة القضايا الممتدة على مدى عقود ماضية، يأتي بهدف الإصلاح ووضع حد للنزيف والأخطاء المتوارثة التي نتجت عن عدم المواجهة، كما يأتي ذلك من أجل وضع حلول لتلك المشكلات والقضايا، مشددا على أن غض الطرف عن حل المشكلات لا يعنى أنها ستختفي، بل على العكس تماما، وهو ما تعلمناه من قضية البناء العشوائي والبناء على الأراضي الزراعية.
ونوّه رئيس الوزراء إلى المؤتمر الصحفي، الذي عقده مؤخرًا، لتوضيح حقائق وتداعيات مشكلة البناء المخالف غير المخطط، والتعدي على الأراضي الزراعية، مشيرًا في ضوء ذلك إلى أنه تم عرض مجموعة من الأرقام المهمة، منها أن مصر فقدت على مدار الـ 40 عاما الماضية، ما يقرب من 400 ألف فدان من أجود وأخصب الأراضي الزراعية على مستوى العالم، منها 90 ألفا خلال الفترة من 2011 حتى الآن في الدلتا ووادي النيل من الأراضي التي حبانا بها الله على مدار آلاف السنين.
وأعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن أسفه إزاء ما يمكن أن يتم بذله لتعويض أو استبدال هذا الفاقد من الأراضي الزراعية، لأننا نحتاج إلى منظومة من العمل الشاق والهائل لعمل بنية أساسية كبيرة تكون قادرة على استصلاح الأراضي الصحراء، التي لا تتمتع بنفس جودة الأراضي الزراعية المتوافرة في الدلتا ووادي النيل والتي تكونت وتشكلت عبر السنين، لافتا إلى أن تكلفة استصلاح الفدان الواحد تتراوح ما بين 150 إلى 200 ألف جنيه، حتى يكون قابلا للزراعة، مُعبرا عن ذلك بقوله: ” لتعويض ما فقدنا مؤخرًا من أراضٍ زراعية وصلت إلى 90 ألف فدان، نحتاج إلى 18 مليار جنيه، وذلك لاستصلاح أراض صحراوية بعيدة تستغرق المزيد من الجهد والوقت، ولا يعتبر ذلك إضافة أرض جديدة بل مجرد تعويض لما فقدناه، وذلك من أجل استيعاب احتياجات ومتطلبات الأجيال القادمة من تأمين غذائهم”.
كما أشار رئيس الوزراء إلى صعوبة ومشقة السباق الذي تخوضه الدولة مع المواطن، وذلك نتيجة زيادة حجم المخالفات التي يتم رصدها، واعتبار ذلك وضع قائم ومستمر، موضحًا أن الدولة تتحرك فقط لتعالج هذه المشكلة، وما ينتج عنها من تداعيات، متطرقا للجدل الكبير الذي ثار خلال الأيام الماضية حول اختيار هذا التوقيت للتعامل مع ملف مخالفات البناء، والتشديد في التعامل مع هذه المخالفات، وعن ماهية موضوع التصالح، ولماذا تتخذ الدولة في هذه المرحلة كل الإجراءات بحسم وحزم، لإنهاء هذا النزيف الهائل لأحد أهم ثروات بلدنا، وقال : إن كل ما أثير من جدل دعانا للقيام بهذه الزيارة الميدانية على أرض القليوبية، ونشرف فيها بصحبة العديد من كبار رجال الإعلام والمفكرين، وذوى الرأي، إلى جانب مجموعة من الخبراء، وذلك بهدف المساهمة في إيضاح الصورة أمام الرأي العام والمواطن البسيط عن حجم الخسائر الهائلة التي تتكبدها الدولة نتيجة استمرار مخالفات البناء، والتعدي على الأراضي الزراعية، وتوضيح تداعيات هذه المشكلة، والإجابة عن تساؤل : لماذا لجأت الدولة للتصدي لهذه القضية في هذه المرحلة تحديدًا، وهى الرؤية المستقبلية للتعامل مع هذا الملف.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن كلمته اليوم مرتبطة بفيلم وثائقي تم تصويره في أنحاء محافظة القليوبية والذي يرصد حجم التحدي الكبير الذي تواجهه الدولة، مؤكدًا أن هذا النمط يمثل أغلب العمران المصري، موضحًا أنه تم التصوير فوق مدينة “الخصوص” بالمحافظة، التي نشأت بالكامل على أرض زراعية بدون أي تخطيط، حيث بدأت بقرية صغيرة، ثم تحولت إلى أحجام هائلة من الكتل كغابة من الكتل العمرانية الخرسانية بعمارات ذات ارتفاعات هائلة بعرض شوارع لا يتخطى الـ 3 أو 4 أمتار.
واستعرض رئيس الوزراء من خلال الفيلم الوثائقي مدى التعقيد الشديد في التعامل مع هذه الإشكالية القائمة على أرض الخصوص وعلى مستوى الدولة بوجه عام، وتوفير الخدمات الرئيسية لقاطني هذه المناطق، والمتمثلة في توصيل المياه، والصرف الصحي، والكهرباء، والغاز الطبيعي، بما يضمن أدنى مستويات المعيشة، مشيرًا إلى العديد من المعايير والجوانب الفنية، والتي تتضمن عدم القدرة على توصيل الغاز الطبيعي في مثل هذه الشوارع، وذلك تنفيذاَ لنسب ومساحات الأمان المطلوبة لتوصيل الغاز الطبيعي، وهو ما يجعل مثل هذه المناطق تستمر في الاعتماد على أسطوانات البوتاجاز.
وأضاف رئيس الوزراء: مثل هذه المناطق لم تكن ضمن أي تخطيط للدولة، بل كانت عبارة عن مناطق زراعية، ونتيجة للنمو غير المخطط أصبحت بهذا الشكل، وقال إنه كان بإمكاننا أن نُطور ونحسن من العمران و مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في هذه المناطق إذا ما تم النمو بشكل مخطط، متسائلا عن مصير الجيوب الزراعية الموجودة حاليًا داخل الكتل السكنية في المستقبل القريب إذا لم نأخذ قرارا بوقف حقيقي لمثل هذه التعديات والمخالفات والبناء العشوائي؟
Discussion about this post