أجمعت معظم المرجعيات الدينية الشيعية، على ضرورة اتخاذ إجراءات وقائية صارمة، لتفادي تفشي وباء كوفيد – 19 خلال موسم عاشوراء.
ويصادف العاشر من شهر محرّم الهجري، الذكرى السنوية لمقتل الإمام الحسين بن علي، حفيد النبيّ محمد، في مدينة كربلاء العراقية، عام 61 هجري/ 680 ميلادي.
وككلّ عام، تبدأ مراسم الحداد على الحسين في مطلع شهر محرّم، وتستمّر أربعين يوماً، ويتخللها مسيرات ومجالس عزاء ومواكب ندب ولطميات، تتكثّف في اليوم العاشر.
وقد ألحق وباء كوفيد -19 آثاراً سلبية بكافة الشعائر الدينية حول العالم، وبرز ذلك على وجه الخصوص إسلامياً، في موسم الحج الأخير، حيث سمحت السعودية بالحج للراغبين من داخل مدنها فقط.
وفيما تزال دول كثيرة تمنع التجمعات، وتعلّق قداديس الأحد وصلوات الجمعة، دعت المرجعيات الدينية الشيعية في إيران، والعراق، ولبنان، والبحرين، وغيرها، للالتزام بالمعايير الصحية خلال عاشوراء.
وكانت إيران أكثر البلدان تضرراً من فيروس كورونا، وعدّت العتبات المقدّسة حيث تعقد تجمعات شعبية كبرى، مصدراً لانتشار العدوى، مع تأكيد أوّل حالة إصابة في مدينة قم.
وتلافياً لتكرار ما حدث في فبراير/شباط الماضي، حظر المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، ووزارة الصحة الطقوس والمواكب ومآدب الطعام المعتادة على نطاق واسع في الأماكن المغلقة.
كما أعلنت اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا في البلاد، إجراء مراسم العزاء في الأماكن المفتوحة فقط، على ألا تتجاوز مدتها الساعتين، مع التزام بارتداء الكمامات، والتباعد لمسافة مترين على الأقل.
ومنعت اللجنة التخالط بين مواكب العزاء، وتوزيع النذور والمأكولات، واستخدام الطبول والدفوف والأدوات المماثلة، فيما سمحت باللطم وضرب الجنازير من دون تنقّل.
وأعلن نائب رئيس منظمة الأوقاف الإيرانية الشيخ غلام رضا عادل أنّ ألفي عتبة مقدسة في البلاد تستعد لإقامة المجالس الحسينية، على أن يتجمع المعزون في الساحات، منعاً للاكتظاظ.
وبحسب وكالة “فرانس برس”، وصفت صحيفة “أرمان” الإصلاحية الإيرانية ما يحصل بأنه “اغرب محرم في القرن”.
من جهته، أصدر المرجع العراقي علي السيستاني توجيهاته حول إحياء المراسم الحسينية هذا العام، داعياً إلى بثّ المجالس عبر محطات التلفزيون والإنترنت، واقتصار عقد مجالس العزاء البيتية على أفراد الأسرة.
ولم يمنع السيستاني إقامة المجالس العامة، شرط “الالتزام بالضوابط الصحية التزاماً صارماً، وأن يراعى فيها التباعد الاجتماعي بين الحاضرين واستخدام الكمامات الطبية”.
وحثّ المرجع العراقي على رفع الأعلام واللافتات السوداء في الساحات والشوارع والأزقة والأماكن العامة، داعياً لمراعاة الشروط الصحية في توزيع الأطعمة، وإيصالها إلى البيوت تفادياً للازدحام.
كذلك أعلنت العتبتان الحسينية والعباسية في كربلاء عن تطبيق التباعد الاجتماعي، والتزام الشروط الحصية، وتنظيم المواكب والردات وفق جدول، واختصار العزاء بين يوم نزول ويوم استراحة.
كما أعلنت شرطة كربلاء عن إقفال المحافظة لمدة 13 يوماً على الوافدين للسياحة من خارج العراق، وتعزيز الإجراءات القانونية بحقّ المخالفين.
وفي الأيام الأولى لمحرم، كانت الحشود في كربلاء أقل بشكل ملحوظ تحت اللافتات السوداء التي توشح بها ضريح الإمام الحسين. وللمرة الأولى كان أغلب الزوار من السكان المحليين بعدما تم حظر الدخول إلى المحافظة لسكان المحافظات الأخرى.
لكن عراقيين من محافظات أخرى تمكنوا من التسلل إلى المدينة مستخدمين طرقا للتحايل على نقاط التفتيش، بحسب “فرانس برس”.
وفي لبنان، قال رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عبد الأمير قبلان إنّ مجالس العزاء ستقتصر على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، مشدداً على “ضرورة التزام التوجيهات والإرشادات الطبية واتخاذ أقصى الاحتياطات والتدابير الدقيقة التي تحول دون تفشي الفيروس”.
كذلك أعلن أمين عام حزب الله حسن نصر الله أنّ الحزب لن ينظّم مسيرات عاشورائية، داعياً إلى تحويل مواقع التواصل الاجتماعي إلى منابر حسينية، محملاً من يريد إقامة مجالس عزاء “مسؤولية شرعية” في ظل انتشار كورونا.
وكانت وزارة الداخلية اللبنانية قد منعت كل التجمعات الشعبية والمناسبات الاجتماعية تحت طائلة تنظيم محاضر ضبط بحق المخالفين.
وفي البحرين، أصدرت الأوقاف الجعفرية لائحة ضوابط لإحياء مراسم عاشوراء، منها اقتصار المجالس الحسينية على البثّ عن بعد، ورفع الرايات السوداء، والسماح بتشغيل مكبرات الصوت بالتزامن مع بثّ القراءة الحسينية.
وكان المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في البحرين قد أعلن “استمرار تعليق الصلوات في المساجد وتعطيل العبادات الجماعية والتجمعات الدينية لحين تحقيق الانخفاض المطلوب في مؤشرات انتشار الوباء بحسب ما يقرره أهل الاختصاص”.
وقد قوبل القرار بالانتقاد من المرجعية الدينية البحرينية الشيخ عيسى قاسم الذي رأى فيه “حرباً على الحسين”. ومن جهته، دعا الشيخ الشيعي البارز أحمد سلمان المخوضر، “إلى الاستماع للخطباء في عاشوراء من المنزل أو متابعتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
وفي محافظتي الإحساء والقطيف السعوديتين، أعلنت مجالس العزاء والحسينيات عن استقبال عدد محدود من المعزين، فيما اكتفت بعضها ببث مراسم العزاء عبر التطبيقات الهاتفية.
كما فرضت المجالس التباعد الاجتماعي على المشاركين، وارتداء الكمامات، مع عدم السماح لمن تتجاوز أعمارهم الخامسة والستين بالمشاركة.
Discussion about this post