سلام يقترب، وهدوء غاب طويلاً عن الأراضي الليبية مهدت طريقه المبادرة المصرية التى أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل أشهر، محذراً من خطر الميليشيات الإرهابية وتجاوز خط “الجفرة ـ سرت”، وهو الأمر الذى كشف قدرات القاهرة على قطع الطريق أمام “محور الشر” ورعاة الإرهاب ـ قطر وتركيا ـ في الأراضي الليبية.
ومهد قرار حكومة الوفاق فى ليبيا بوقف إطلاق النار فى عموم البلاد، لمرحلة سلام تتأسس على إعلان القاهرة، حيث تحول تحذير الرئيس عبد الفتاح السيسى بأن “الجفرة – سرت” خط أحمر إلى واقع على الأرض، ليعكس انتصار الرؤية المصرية ومصالح الشعب الليبى.
ومهدت مبادرة مصر للحل السلمى للأزمة الليبية المتمثلة فى “إعلان القاهرة” منذ أن طرحها الرئيس السيسى، الطريق أمام الفرقاء الليبيين للعودة إلى طاولة الحوار لإجراء حوار سياسى مثمر، كما شكلت طريق اللا عودة للمرتزقة والميليشيات المسلحة التى أدخلتها أطراف إقليمية لتأجيج الوضع فى ليبيا، فكان لإعلان القاهرة وتحذير الرئيس السيسى بأن “خط سرت الجفرة خط أحمر” أبلغ الأثر على نفوس المرتزقة فى ليبيا وداعميهم، بأن يراجعوا حساباتهم من جديد قبل أن تبدأ مصر فى اتخاذ إجراءات عسكرية للحفاظ على أمن وسلامة ليبيا.
وكانت حكومة الوفاق فى ليبيا قد أعلنت اليوم الجمعة، وقف إطلاق نار فى كل الأراضى الليبية، ودعت إلى جعل سرت والجفرة منطقتين منزوعتى السلاح.
وأصدر المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق بيانا قال فيه: “انطلاقا من مسؤوليته السياسية والوطنية، وما يفرضه الوضع الحالى الذى تمر به البلاد والمنطقة، وظروف الجائحة، يصدر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطنى تعليماته لجميع القوات العسكرية بالوقف الفورى لإطلاق النار وكافة العمليات القتالية فى كل الأراضى الليبية”.
وأكد المجلس الرئاسى أن “تحقيق وقف فعلي لإطلاق النار يقتضي أن تصبح منطقتا سرت والجفرة منزوعتي السلاح وتقوم الأجهزة الشرطية من الجانبين بالاتفاق على الترتيبات الأمنية داخلها”.
وأضاف البيان أن “رئيس المجلس الرئاسي إذ يبادر بالإعلان عن وقف إطلاق النار يؤكد أن الغاية هي استرجاع السيادة الكاملة على التراب الليبي وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة”.
كما أكد رئيس المجلس الرئاسي دعوته إلى “انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال شهر مارس القادم، وفق قاعدة دستورية مناسبة يتم الاتفاق عليها بين الليبيين”.
الإنجاز الذى تحقق على الأرض داخل ليبيا، والحلم الذي يقترب من أن يكون واقعاً يعيش خلاله الليبيين في حالة سلم واستقرار تمهد بدورها الطريق نحو بناء المؤسسات، ما كان له أن يتم دون الرؤية المصرية للحل، وهو ما اعترف به بالفعل وزير داخلية حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، قائلاً في تصريحات لشبكة بلومبرج الأمريكية إن وقف إطلاق النار فى ليبيا الذى تم الإعلان عنه الجمعة لم يكن ليحدث دون دعم من الولايات المتحدة ومصر.
وأضاف باشاغا أن هذا الاتفاق يجب أن يعقبه حوار سياسى جاد يؤدى إلى تسوية، مشيرا إلى ضرورة أن يتم اتخاذ هذه الخطوة بسرعة. وعلقت بلومبرج على وقف إطلاق النار الذى تم إعلانه اليوم الجمعة، وقالت إنه يثير آمالا بإنهاء حروب الوكالة التى تشهدها ليبيا.
وفى الوقت الذى كانت فيه تركيا ترسل يومياً المئات المرتزقة السوريين من عناصر تنظيم داعش، كانت الدولة المصرية تتحرك بجهد دبلوماسي عابر للحدود، لتقريب وجهات النظر الدولية والتأسيس لوقف شامل لإطلاق النار بما يحفظ ويصون وحدة الأراضي الليبية ومصالح الشعب الليبي الشقيق.
وكان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، قد دعا اليوم الجمعة، إلى فتح حساب خاص للمؤسسة الوطنية للنفط لدى المصرف الليبي الخارجي.
وقال السراج في بيان إنه “لا يمكن التفريط بمقدرات الشعب الليبي، ولهذا يجب استئناف الإنتاج والتصدير في الحقول والموانئ النفطية، على أن يتم إيداع الإيرادات في حساب خاص بالمؤسسة الوطنية للنفط لدى المصرف الليبي الخارجي، وألا يتم التصرف فيها إلا بعد التوصل إلى ترتيبات سياسية جامعة وفق مخرجات مؤتمر برلين، وبما يضمن الشفافية والحوكمة الجيدة بمساعدة البعثة الأممية والمجتمع الدولي”.
ودعا رئيس البرلمان الليبى عقيلة صالح لوقف إطلاق النار أيضا، وقالت وكالة أسوشيتدبري إن هذين الإعلانيين جاء فى ظل مخاوف من تصعيد فى الصراع المستمر منذ أكثر من 9 سنوات. وأعلن رئيس حكومة الوفاق الليبية أيضا إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية فى مارس الماضى.
ورحب الرئيس عبد الفتاح السيسي بالبيانات الصادرة عن المجلس الرئاسى ومجلس النواب فى ليبيا بوقف إطلاق النار ووقف العمليات العسكرية فى كافة الأراضي الليبية.
وكتب الرئيس على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي: “أرحب بالبيانات الصادرة عن المجلس الرئاسى ومجلس النواب فى ليبيا بوقف إطلاق النار ووقف العمليات العسكرية فى كافة الأراضي الليبية، باعتبار ذلك خطوة هامة على طريق تحقيق التسوية السياسية وطموحات الشعب الليبى فى استعادة الاستقرار والازدهار فى ليبيا وحفظ مقدرات شعبها”.
Discussion about this post