كتب /اماني محمد إبراهيم
أكدت مصر في خطابها الموجه إلى مجلس الأمن، أن فشل المفاوضات بشأن سد النهضة يرجع إلى “سياسة إثيوبيا الثابتة في المراوغة والعرقلة”، مشددة على أن ملء وتشغيل إثيوبيا لسد النهضة “يمثل تهديدا”.
وأوضحت مصر أنها اختارت إحالة هذه المسألة لـمجلس الأمن الدولي، “بعد أن بحثت واستنفدت كل سبيل للتوصل إلى حل ودي لهذا الوضع، عبر إبرام اتفاق بشأن سد النهضة الإثيوبي، يحفظ ويعزز حقوق ومصالح الدول الثلاث المشاطئة للنيل الأزرق”.
وأشارت إلى أنها “شاركت بحسن نية في جولات تفاوضية لا حصر لها لمدة عقد تقريبا بشأن سد النهضة الإثيوبي، بيد أن هذه الجهود لم تثمر عن نتيجة بسبب النزعة أحادية الجانب لإثيوبيا، ورغبتها في فرض أمر واقع على دولتي المصب”.
وفيما يلي نص الخطاب الذي أرسلته مصر إلى مجلس الأمن الدولي، بشأن سد النهضة الإثيوبي:
سعادة المندوب الدائم،
أكتب إليكم مرة أخرى اتصالا بسد النهضة الإثيوبي، وهو أمر جلل ذو تداعيات ضخمة على مصر، كما أشرت في خطابي السابق المؤرخ الأول من مايو 2020، فضلا عن طبيعته العاجلة في ظل مواصلة إثيوبيا إصرارها على بدء ملء السد بشكل أحادي الجانب خلال موسم الأمطار في شهر يوليو المقبل، بما يخالف التزاماتها القانونية الدولية، وهو ما تدلل عليه تصريحات علنية بما في ذلك تصريحات السيد رئيس الوزراء الإثيوبي بتاريخ 8 يونيو 2020.
بالنظر إلى خطورة الوضع، وفي ضوء التعنت المستمر لإثيوبيا، الذي قد يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، أكتب إلى سعادتكم لأطلب من مجلس الأمن الدولي أن يتدخل في هذه المسألة على وجه السرعة.
وقد اختارت مصر إحالة هذه المسألة لمجلس الأمن الدولي بعد أن بحثت واستنفدت كل سبيل للتوصل إلى حل ودي لهذا الوضع، عبر إبرام اتفاق بشأن سد النهضة الإثيوبي، يحفظ ويعزز حقوق ومصالح الدول الثلاث المشاطئة للنيل الأزرق.
خلافا للتأكيدات الواردة في الرسالة الموجهة إلى سعادتكم من قبل السيد وزير خارجية جمهورية إثيوبيا الديمقراطية الفدرالية في 14 مايو2020، فإن فشل المفاوضات بشأن سد النهضة يرجع إلى سياسة إثيوبيا الثابتة في المراوغة والعرقلة.
ونظرا لأن الغرض من هذا الخطاب ليس الانخراط في تفنيد مفصل لما ورد في رسالة وزير خارجية إثيوبيا من مغالطات وتشويه للحقائق، إذ أن هذا هو الغرض من المذكرة المرفقة (ملحق1)، فإنني أود أن أُبرز حقيقة أن مصر قد شاركت بحسن نية في جولات تفاوضية لا حصر لها لمدة عقد تقريبا بشأن سد النهضة الإثيوبي، بيد أن هذه الجهود لم تثمر عن نتيجة، بسبب النزعة أحادية الجانب لإثيوبيا ورغبتها في فرض أمر واقع على دولتي المصب.
خلال هذه العملية سعينا إلى التوصل لحل مرض لكافة الأطراف يحفظ ويعزز حقوق ومصالح دول النيل الأزرق الثلاث. لقد عملنا بلا كلل من أجل التوصل إلى اتفاق يحقق الأهداف الإنمائية لإثيوبيا، ويقلص من التأثيرات الضارة لهذا السد الضخم على دولتي المصب.
وفي دليل آخر على إرادة مصر السياسية الصادقة للتوصل إلى اتفاق يحقق المنفعة المتبادلة، دعت مصر أطرافا أخرى محايدة إلى المشاركة في المفاوضات، كما أعربت عن استعدادها لقبول أي اتفاقات أو صيغ توافقية مقترحة من قبل هذه الأطراف المحايدة.
وفي حقيقة الأمر، فإن مصر، تماشيا مع حسن نواياها، قبلت ووقعت بالأحرف الأولى في 28 فبراير 2020 على اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، تم إعداده تحت رعاية الولايات المتحدة الأميركية، وبمشاركة البنك الدولي (ملحق رقم 2).
لكن مع الأسف، قوضت إثيوبيا هذه الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق يحقق المنفعة المتبادلة بشأن سد النهضة. وبدلا من ذلك، تواصل إثيوبيا الإصرار على بدء حجز المياه في خزان السد بشكل أحادي الجانب، وهو الأمر المثير للقلق بشكل بالغ، على الصعيد السياسي، إذ يمثل محاولة خطيرة من جانب إثيوبيا لإقامة وممارسة سيطرة غير مقيدة على نهر حيوي عابر للحدود.
فضلا عن ذلك، فإنه سوف يشكل خرقا ماديا لاتفاق إعلان المبادئ بشأن سد النهضة، الذي أبرم بين الدول الثلاث في 23 مارس 2015، وينص على وجوب القيام بملء وتشغيل سد النهضة وفقا للمبادئ التوجيهية والقواعد التي سيتم الاتفاق عليها بين مصر وإثيوبيا والسودان (ملحق رقم 3).
كذلك، أدى موقف إثيوبيا المتعنت إلى فشل الجولات الأخيرة من المفاوضات التي عقدت بناء على مبادرة جمهورية السودان، والتي استمرت لعدة أسابيع.
وبينما شاركت مصر مرة أخرى في هذه المحادثات، للبرهنة مجددا على التزامها الصادق بالتوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة، تبنت إثيوبيا على مدار هذه المفاوضات نهجا مخالفا لالتزاماتها القانونية وغير بناء فنيا، حيث رفضت إبرام اتفاق ملزم بموجب القانون الدولي، واقترحت اعتماد ارشادات توجيهية وقواعد يحق لها تعديل مضمونها وفقا لسلطتها التقديرية.
كما صرحت بأن أي وثيقة يتم الاتفاق عليها بين البلدان الثلاثة لن تعرف حد الضرر الجسيم، ومن ثم تعفي نفسها فعليا من أي التزامات تجاه دولتي المصب، اللتين يوفر لهما القانون الدولي الحماية من الضرر الجسيم الذي تلحقه بهما دولة المنبع.
كما عارضت إثيوبيا تطبيق تدابير فعالة للتخفيف من آثار الجفاف والجفاف الممتد على المجتمعات المحلية بدول المصب، الأمر الذي يعرض مصر والسودان للآثار الاجتماعية والاقتصادية المدمرة الناجمة عن مثل هذه الظروف الهيدرولوجية الخطيرة.
إن هذه المفاوضات، التي عبرت إثيوبيا خلالها عن مواقفها وتقدمت بمقترحاتها، جرت في وجود مراقبين غير متحيزين حضروا هذه المداولات. (مرفق النصوص المقترحة من قبل إثيوبيا ـ ملحق رقم 4).
يعكس هذا الموقف الإثيوبي رغبتها في ملء وتشغيل سد النهضة دون أي تدابير حماية ذات مغزى، من شأنها أن تقلل من الآثار السلبية لهذا السد على دول المصب، فضلا عن تكريس حق غير مقيد ودون ضوابط في بناء مشاريع مستقبلية أعالي النهر، واستخدام مياه النيل الأزرق من جانب واحد، حتى وإن كان ذلك على حساب حقوق دول المصب.
بالنسبة لمصر، بلد بها أكثر من مائة مليون نسمة تعتمد بشكل كامل على نهر النيل كشريان للحياة و
Discussion about this post