شهدت الجلسة العامة بمجلس النواب، أمس، حالة من الجدل بسبب اقتراح نائب حزب النور، أحمد حمدي خطاب، بشأن حذف ضوابط الشكوى في جرائم الزنا والواردة بالمادة الثالثة بمشروع قانون الإجراءات الجنائية، المتعلقة بمواد قانون العقوبات أرقام 274، 277،279، لكن مجلس النواب رفض هذا الاقتراح بعدما أثار غضب بعض النواب وعلى رأسهم الدكتور على جمعة، الذى أكد على عدم وجوب تحويل جريمة الزنا من شكوى إلى إبلاغ، مؤكدًا أن الأصل فى الإسلام هو الستر.
ويفتح موقع “عين مصر”، تحقيقًا حول ردود الأفعال حول هذا المقترح، للتعرف على مدى تأثيره على المجتمع، خاصة فى حال عرضه مرة أخرى على مجلس النواب.. إليكم التفاصيل:
الفرق بين الشكوى والإبلاغ
قال المستشار خالد فؤاد حافظ رئيس حزب الشعب الديمقراطي، اليوم الإثنين، إن الشكوى تتطلب الصفة وتكون للزوج في جريمة الزنا وهذا يعطي الحق للشاكي في أن يسحب شكواه في أي حالة تكون عليها القضية وحتى إن حكم على الزوجة ودخلت السجن يجوز له أن يتنازل فيتم إيقاف تنفيذ العقوبة.
جريمة الزنا يجب إبقائها كما هي في القانون
وأضاف “حافظ”، فى تصريح خاص لـ” عين مصر”، أن البلاغ يكون لكل شخص أن يتقدم بالبلاغ فهو يوسع من دائرة الحق في الإبلاغ ولا يقصرها على الزوج فقط ولذا لا يكون من حق الزوج عندئذ أن يتنازل فيما بعد، مشيرًا إلى أن المشرع المصري في القانون رقم ١٥٠ لسنة١٩٥٠ كان يستهدف إعطاء فرصة للعفو في أي وقت عن تلك الجريمة، مؤكدًا أنه يرى أن تظل جريمة الزنا كما كانت في القانون١٥٠ لسنة١٩٥٠دون أى تغيير.
جرائم الحدود في التشريع الإسلامي سبعة
ومن جهة أخرى، قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر، اليوم الإثنين، إن الرأي العلمي الفقهي فيما يثار على قانون الإجراءات الجنائية؛ أنه من المقرر شرعًا أن جرائم الحدود فى التشريع الإسلامي سبعة وهي: ” جريمة الزنا والقذف، والسرقة، والحرابة، والبغي، الردة، وتعاطي المسكرات”، وأن الأصل فى هذه الجرائم الستر.
الواجب على المسلم أن يستر
وأضاف “كريمة”، في تصريح خاص لـ”عين مصر”، أنه يتم في هذه الجرائم الستر؛ فالواجب على المسلم أن يستر، لاسيما أن أهل العلم قالوا إن الستر أولى من الرفع، فالفاعل نفسه يجب عليه أن يستر على نفسه؛ فقد أعرض النبي عليه الصلاة والسلام، عن سماع إقرار سيدنا ماعز رضى الله عنه فى جريمته للزنا أى ماعز أربع مرات.
وقال لصاحبه أو أحد أقاربه بعد إقامة العقوبة على ماعز: “هلا سترت صاحبك فى طرف ثوبك”.
الستر على العصاة هو الأصل
وتابع أستاذ الفقة المقارن، أن الحديث النبوى فيما يتعلق بارتكاب هذه الجرائم أنه من ستره الله عز وجل فى الدنيا فأمره مفوضًا إلى الله عز وجل إما أن يعفو عنه وإما أن يعذبه، أما الدعوى القضائية فى الحدود والشهادة بها؛ فالمتجه نحو الفقهاء أن الحدود ما عدا حد القذف لا تتوقف على الدعوة لأنها لحق الله عز وجل وتقبل الشهادة فيها حزبة وإنما شرطت الدعوة بحد القذف وإن كان حد الله تعالى فيه غالبًا عن بعض الفقهاء، لأن المقذوف يطالب القاذف دفعًا للعار عن نفسه ظاهرًا وغالبًا ما يحصل ما هو المقصود من شرع حد القذف.
اقرأ أيضًا..مجلس النواب يرفض تحويل جريمة الزنا من شكوى إلى إبلاغ بقانون الإجراءات الجنائية الجديد
واستطرد الدكتور أحمد كريمة، أن أهل العلم اختلفوا فى السرقة فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه لا تقام عليه العقوبة الدنيوية حتى يدعيه المالك، وقال المالكية تقام عليه العقوبة، وبه قال أبو بكر وأبو ثور وابن المنذر لعموم الآية ولأن موجب إقامة العقوبة الدنيوية الزجرية قد ثبت؛ والخلاصة أن الستر على العصاة هو الأصل فى الجنايات أى فى جرائم الحدود السبعة.
وأكد ” كريمة”، أن العقوبة فى الجرائم السبعة شخصية؛ فهى تنال الفاعل فقط وإن كانت حقًا لله عز وجل فى إقامة العقوبة إلا أنها ليست مما يتصل بأمور المجتمع؛ وعلى ضوء ذلك فإن تحريك الدعوى الجنائية إنما بإقرار الفاعل نفسه وإن كان كما قال أن يستر على نفسه أولى، وأما غير الفاعل فالأولى لهم الستر حتى لا تشاع الفاحشة فى المجتمع ومنعًا للخصومات ومنعًا للأحقاد، وأن نترك أمر العباد إلى رب العباد، فإذا قال الله تعالى للنبى محمد صلى الله عليه وسلم ” لست عليهم بمسيطر”.
واختتم أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر حديثه داعيًا الله أن يرزق العصاة التوبة وأن يجعلنا جميعًا من أهل الستر وأن يجنبنا الفضيحة والتشهير بالناس وأن يسلم البلاد والعباد من كل ما يغض الله عز وجل، مشيرًا إلى أنه توثيقًا لما قاله يجب الرجوع إلى بدائل الصنائع فى الفقه الحنفى المجلد السابع صفحة 56 ونرجع كذلك إلى روضة الطالبين فى الفقه الشافعى المجلد العاشر صفحة 144، وفى الفقه الحنبلى إلى المغنى لابن قدامة المجلد الثامن صفحة 208 و219 و284.
حزب النور جاهل سياسيًا ودينيًا
وفى سياق آخر، قال الدكتور عادل عصمت، نائب رئيس حزب الغد، اليوم الإثنين، إن نواب حزب النور يجب تسميتهم نواب حزب الظلام، على حد وصفه، نظرًا لشواغلهم المريضة التافهة المضحكة التي لا تكشف إلا عن أمراض السلفيين العقلية فقط بل تعرى جهلهم الدستورى القانونى والدينى أيضًا، كما تكشف مدى جهلهم بحدود دور الدولة وحدود دور المواطنين والفرق بين المجال العام والمجال الخاص، على حد إدعائه.
وأضاف ” عصمت” لـ” عين مصر”، أنه يستنكر بشدة مطالبة أعضاء حزب النور فى مجلس النواب بشأن تعديل توصيف جريمة الزنا من كونها جريمة شكوى تتأسس على شكوى الزوج المتضرر فقط من زوجته وقراره بالشكوى من عدمه إلى جريمة إبلاغ عام أى من حق أى شخص أن يبلغ عن أى امرأة، متهمًا أعضاء حزب النور بالجهل السياسى الكبير والجهل الدستورى العظيم والجهل القانونى المديد؛ حيث يكشف طلبهم هذا مدى قبح تفكيرهم ومدى إحساسهم بالوصاية القبيحة على غيرهم ومدى إحساسهم المريض الذى يصور لهم أنهم شركاء مع الله فى حساب خلقه ورقابة خلقه، على حد وصفه.
يذكر أن المستشار عدنان فنجري، وزير العدل، رفض مقترح نائب حزب النور بشأن تحويل الزنا من شكوى إلى إبلاغ، وذلك خلال مناقشة قانون الإجراءات الجنائية بالجلسة العامة أمس، مؤكدًا أن قيد الشكوى هو إجراء تنظيمي للنيابة العامة والمحكمة، ولا يمس أصل الحق الجنائي في قضايا الزنا، كما أكد المستشار محمود فوزي، وزير المجالس النيابية، خلال الجلسة العامة أيضًا، أن الأسرة هي قوام المجتمع وأن التضييق في هذه القضايا يتماشى مع الدستور، مشيرًا إلى أن أن إضافة قيود مثل الشكوى لا تتعارض مع الأحكام القطعية في الشريعة الإسلامية، بل تدعم قيم الستر وتحد من التشهير غير المبرر.
Discussion about this post