تسعى روسيا جاهدة لتأمين موطئ قدم استراتيجي لها في المنطقة، وذلك وسط التغيرات المتسارعة على الساحة السورية، مستغلة نفوذها العسكري في قواعد حيوية مثل طرطوس وحميميم بسوريا، فقد كشفت معلومات مسربة من كواليس المفاوضات عن صفقة قد تعيد تشكيل معادلة التوازن في سوريا.
تساؤلات مطروحة بشأن تفاصيل الاتفاق بين موسكو والقيادة السورية الجديدة، خاصة في ظل الغموض الذي يحيط بمستقبل الوجود الروسي في البلاد.
ترسيخ وجود روسيا العسكري في القواعد السورية
كشفت وكالة بلومبرج عن تحركات دبلوماسية وعسكرية جارية بين روسيا والقيادة السورية الجديدة، بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن لموسكو الاحتفاظ بقاعدتيها العسكريتين في ميناء طرطوس البحري وقاعدة حميميم الجوية، ووفقًا لمصادر مطلعة من روسيا وأوروبا والشرق الأوسط، تسعى روسيا إلى ترسيخ وجودها العسكري في القاعدتين، وهو ما يعزز نفوذها الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط.
وذكرت المصادر أن وزارة الدفاع الروسية تعتقد بوجود تفاهم غير رسمي مع هيئة تحرير الشام، التي قادت عملية الإطاحة بنظام الأسد، يسمح باستمرار السيطرة الروسية على القاعدتين، لكن هذه التفاهمات تبقى غير مؤكدة في ظل عدم الاستقرار الذي تشهده الساحة السورية، ما يجعل مستقبل الاتفاق مرهونًا بتطورات الأوضاع الميدانية والسياسية.
أهمية قاعدتي طرطوس وحميميم
تعد قاعدة طرطوس البحرية، التي أنشئت عام 1971 بموجب اتفاق بين الرئيس السوري السابق حافظ الأسد والاتحاد السوفيتي، الميناء البحري الروسي الوحيد في منطقة البحر المتوسط.
وتوفر طرطوس لموسكو منفذًا بحريًا استراتيجيًا يمكّنها من تعزيز نفوذها العسكري واللوجستي في المنطقة.
أما قاعدة حميميم الجوية، التي أسستها روسيا بعد تدخلها العسكري في سوريا عام 2015، فتعتبر محورًا أساسيًا لدعم العمليات العسكرية الروسية في سوريا وأفريقيا.
وتخضع حميميم لحماية مشددة بأنظمة دفاع جوي متطورة، تجعلها نقطة ارتكاز حيوية لموسكو في المنطقة.
تحولات المشهد السوري
تأتي هذه التطورات عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد، وفي ظل هذا التغير، تحاول روسيا تثبيت نفوذها العسكري في سوريا، ما يشير إلى حرصها على عدم خسارة قواعدها الاستراتيجية في طرطوس وحميميم، خاصة في ظل الانسحاب التدريجي لبعض القوى الدولية الأخرى من المشهد السوري.
صفقة النفوذ مقابل البقاء
يبدو أن الصفقة بين موسكو ودمشق الجديدة تقوم على معادلة النفوذ مقابل البقاء، حيث تحاول روسيا إقناع القيادة الجديدة بأهمية استمرار وجودها العسكري في سوريا، مستغلةً خبراتها العسكرية وعلاقاتها الدولية لتحقيق هذا الهدف.
Discussion about this post